شرح حديث "احرص على ما ينفعك واستعن بالله عز وجل ولا تعجز "
+2
mon_amor88
®.ılı.ĦєśHдM ŞД!Đ.ılı.®
6 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
شرح حديث "احرص على ما ينفعك واستعن بالله عز وجل ولا تعجز "
بسم الله الرحمن الرحيم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المؤمن القوي خير، وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. وفي كلٍّ خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تَعْجَز .. وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا، كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَّر الله، وما شاء فعل، فإن لَوْ تفتح عمل الشيطان" رواه مسلم.
هذا الحديث اشتمل على أصول عظيمة كلمات جامعة.
فمنها: إثبات المحبة صفة لله، وأنها متعلقة بمحبوباته وبمن قام بها ودلّ على أنها تتعلق بإرادته ومشيئته، وأيضاً تتفاضل. فمحبته للمؤمن القوي أعظم من محبته للمؤمن الضعيف.
ودلّ الحديث على أن الإيمان يشمل العقائد القلبية والأقوال والأفعال، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة فإن الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها: قول: "لا إله إلا الله" وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق. والحياء شعبة منه. وهذه الشعب التي ترجع إلى الأعمال الباطنة والظاهرة كلها من الإيمان. فمن قام بها حق القيام، وكَمَّل نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح، وكمَّل غيره بالتواصي بالحق، والتواصي بالصبر: فهو المؤمن القوي الذي حاز أعلى مراتب الإيمان. ومن لم يصل إلى هذه المرتبة: فهو المؤمن الضعيف.
وهذا من أدلة السلف على أن الإيمان يزيد وينقص. وذلك بحسب علوم الإيمان ومعارفه، وبحسب أعماله.
وهذا الأصل قد دلّ عليه الكتاب والسنة في مواضع كثيرة:
ولما فاضل النبي صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين قويهم وضعيفهم خشي من توهم القدح في المفضول، فقال: "وفي كل خير" وفي هذا الاحتراز فائدة نفيسة، وهي أن على من فاضل بين الأشخاص أو الأجناس أو الأعمال أن يذكر وجه التفضيل ، وجهة التفضيل. ويحترز بذكر الفضل المشترك بين الفاضل والمفضول، لئلا يتطرق القدح إلى المفضول وكذلك في الجانب الآخر إذا ذكرت مراتب الشر والأشرار، وذكر التفاوت بينهما. فينبغي بعد ذلك أن يذكر القدر المشترك بينهما من أسباب الخير أو الشر. وهذا كثير في الكتاب والسنة.
وفي هذا الحديث: أن المؤمنين يتفاوتون في الخيرية، ومحبة الله والقيام بدينه، وأنهم في ذلك درجات {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ} [سورة الأحقاف – آية 19] ويجمعهم ثلاثة أقسام: السابقون إلى الخيرات، وهم الذين قاموا بالواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات، وفضول المباحات وكملوا ما باشروه من الأعمال، واتصفوا بجميع صفات الكمال. ثم المقتصدون الذين اقتصروا على القيام بالواجبات وترك المحظورات. ثم الظالمون لأنفسهم، الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيِّئاً.
وقوله صلى الله عليه وسلم : "احرص على ما ينفعك واستعن بالله" كلام جامع نافع، مُحِتوٍ على سعادة الدنيا والآخرة.
والأمور النافعة قسمان: أمور دينية، وأمور دنيوية. والعبد محتاج إلى الدنيوية كما أنه محتاج إلى الدينية. فمدار سعادته وتوفيقه على الحرص والاجتهاد في الأمور النافعة منهما، مع الاستعانة بالله تعالى، فمتى حرص العبد على الأمور النافعة واجتهد فيها، وسلك أسبابها وطرقها، واستعان بربه في حصولها وتكميلها: كان ذلك كماله، وعنوان فلاحه. ومتى فاته واحد من هذه الأمور الثلاثة: فاته من الخير بحسبها، فمن لم يكن حريصاً على الأمور النافعة، بل كان كسلاناً لم يدرك شيئاً. فالكسل هو أصل الخيبة والفشل. فالكسلان لا يدرك خيراً، ولا ينال مكرمة، ولا يحظى بدين ولا دنيا، ومتى كان حريصاً، ولكن على غير الأمور النافعة: إما على أمور ضارة، أو مفوتة للكمال كان ثمرة حرصه الخيبة، وفوات الخير، وحصول الشر والضرر، فكم من حريص على سلوك طرق وأحوال غير نافعة لم يستفد من حرصه إلا التعب والعناء والشقاء.
ثم إذا سلك العبد الطرق النافعة، وحرص عليها، واجتهد فيها: لم تتم له إلا بصدق اللجأ إلى الله، والاستعانة به على إدراكها وتكميلها وأن لا يتكل على نفسه وحَوْله وقوته، بل يكون اعتماده التام بباطنه وظاهره على ربه. فبذلك تهون عليه المصاعب، وتتيسر له الأحوال محتاج – بل مضطر غاية الاضطرار – إلى معرفة الأمور التي ينبغي الحرص عليها، والجد في طلبها.
فالأمور النافعة في الدين ترجع إلى أمرين: علم نافع، وعمل صالح.
أما العلم النافع: فهو العلم المزكي للقلوب والأرواح، المثمر لسعادة الدارين. وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث وتفسير وفقه، وما يعين على ذلك من علوم العربية بحسب حالة الوقت والموضع الذي فيه الإنسان، وتعيين ذلك يختلف باختلاف الأحوال. والحالة التقريبية: أن يجتهد طالب العلم في حفظ مختصر من مختصرات الفن الذي يشتغل فيه. فإن تعذر أو تعسر عليه حفظه لفظاً، فليكرره كثيراً، متدبراً لمعانيه، حتى ترسخ معانيه في قلبه. ثم تكون باقي كتب هذا الفن كالتفسير والتوضيح والتفريع لذلك الأصل الذي عرفه وأدركه، فإن الإنسان إذا حفظ الأصول وصار له ملكة تامة في معرفتها هانت عليه كتب الفن كلها: صغارها وكبارها. ومن ضيع الأصول حرم الوصول.
وقد جميع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بين الإيمان بالقضاء والقدر، والعمل بالأسباب النافعة، وهذان الأصلان دلّ عليهما الكتاب والسنة في مواضع كثيرة. ولا يتم الدين إلا بهما. بل لا تتم الأمور المقصودة كلها إلا بهما، لأن قوله "احرص على ما ينفعك" أمر بكل سبب ديني ودنيوي، بل أمر بالجد والاجتهاد فيه والحرص لعيه، نية وهمة، فعلاً وتدبيراً.
وقوله: "واستعن بالله" إيمان بالقضاء والقدر، وأمر بالتوكل على الله الذي هو الاعتماد التام على حوله وقوته تعالى في جلب المصالح ودفع المضار، مع الثقة التامة بالله في نجاح ذلك. فالمتبع للرسول صلى الله عليه وسلم يتعين عليه أن يتوكل على الله في أمر دينه ودنياه، وأن يقوم بكل سبب نافع بحسب قدرته وعلمه ومعرفته والله المستعان.
المصدر:
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
للشيخ العلاّمة عبدالرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله -
هذا الحديث اشتمل على أصول عظيمة كلمات جامعة.
فمنها: إثبات المحبة صفة لله، وأنها متعلقة بمحبوباته وبمن قام بها ودلّ على أنها تتعلق بإرادته ومشيئته، وأيضاً تتفاضل. فمحبته للمؤمن القوي أعظم من محبته للمؤمن الضعيف.
ودلّ الحديث على أن الإيمان يشمل العقائد القلبية والأقوال والأفعال، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة فإن الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها: قول: "لا إله إلا الله" وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق. والحياء شعبة منه. وهذه الشعب التي ترجع إلى الأعمال الباطنة والظاهرة كلها من الإيمان. فمن قام بها حق القيام، وكَمَّل نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح، وكمَّل غيره بالتواصي بالحق، والتواصي بالصبر: فهو المؤمن القوي الذي حاز أعلى مراتب الإيمان. ومن لم يصل إلى هذه المرتبة: فهو المؤمن الضعيف.
وهذا من أدلة السلف على أن الإيمان يزيد وينقص. وذلك بحسب علوم الإيمان ومعارفه، وبحسب أعماله.
وهذا الأصل قد دلّ عليه الكتاب والسنة في مواضع كثيرة:
ولما فاضل النبي صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين قويهم وضعيفهم خشي من توهم القدح في المفضول، فقال: "وفي كل خير" وفي هذا الاحتراز فائدة نفيسة، وهي أن على من فاضل بين الأشخاص أو الأجناس أو الأعمال أن يذكر وجه التفضيل ، وجهة التفضيل. ويحترز بذكر الفضل المشترك بين الفاضل والمفضول، لئلا يتطرق القدح إلى المفضول وكذلك في الجانب الآخر إذا ذكرت مراتب الشر والأشرار، وذكر التفاوت بينهما. فينبغي بعد ذلك أن يذكر القدر المشترك بينهما من أسباب الخير أو الشر. وهذا كثير في الكتاب والسنة.
وفي هذا الحديث: أن المؤمنين يتفاوتون في الخيرية، ومحبة الله والقيام بدينه، وأنهم في ذلك درجات {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ} [سورة الأحقاف – آية 19] ويجمعهم ثلاثة أقسام: السابقون إلى الخيرات، وهم الذين قاموا بالواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات، وفضول المباحات وكملوا ما باشروه من الأعمال، واتصفوا بجميع صفات الكمال. ثم المقتصدون الذين اقتصروا على القيام بالواجبات وترك المحظورات. ثم الظالمون لأنفسهم، الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيِّئاً.
وقوله صلى الله عليه وسلم : "احرص على ما ينفعك واستعن بالله" كلام جامع نافع، مُحِتوٍ على سعادة الدنيا والآخرة.
والأمور النافعة قسمان: أمور دينية، وأمور دنيوية. والعبد محتاج إلى الدنيوية كما أنه محتاج إلى الدينية. فمدار سعادته وتوفيقه على الحرص والاجتهاد في الأمور النافعة منهما، مع الاستعانة بالله تعالى، فمتى حرص العبد على الأمور النافعة واجتهد فيها، وسلك أسبابها وطرقها، واستعان بربه في حصولها وتكميلها: كان ذلك كماله، وعنوان فلاحه. ومتى فاته واحد من هذه الأمور الثلاثة: فاته من الخير بحسبها، فمن لم يكن حريصاً على الأمور النافعة، بل كان كسلاناً لم يدرك شيئاً. فالكسل هو أصل الخيبة والفشل. فالكسلان لا يدرك خيراً، ولا ينال مكرمة، ولا يحظى بدين ولا دنيا، ومتى كان حريصاً، ولكن على غير الأمور النافعة: إما على أمور ضارة، أو مفوتة للكمال كان ثمرة حرصه الخيبة، وفوات الخير، وحصول الشر والضرر، فكم من حريص على سلوك طرق وأحوال غير نافعة لم يستفد من حرصه إلا التعب والعناء والشقاء.
ثم إذا سلك العبد الطرق النافعة، وحرص عليها، واجتهد فيها: لم تتم له إلا بصدق اللجأ إلى الله، والاستعانة به على إدراكها وتكميلها وأن لا يتكل على نفسه وحَوْله وقوته، بل يكون اعتماده التام بباطنه وظاهره على ربه. فبذلك تهون عليه المصاعب، وتتيسر له الأحوال محتاج – بل مضطر غاية الاضطرار – إلى معرفة الأمور التي ينبغي الحرص عليها، والجد في طلبها.
فالأمور النافعة في الدين ترجع إلى أمرين: علم نافع، وعمل صالح.
أما العلم النافع: فهو العلم المزكي للقلوب والأرواح، المثمر لسعادة الدارين. وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث وتفسير وفقه، وما يعين على ذلك من علوم العربية بحسب حالة الوقت والموضع الذي فيه الإنسان، وتعيين ذلك يختلف باختلاف الأحوال. والحالة التقريبية: أن يجتهد طالب العلم في حفظ مختصر من مختصرات الفن الذي يشتغل فيه. فإن تعذر أو تعسر عليه حفظه لفظاً، فليكرره كثيراً، متدبراً لمعانيه، حتى ترسخ معانيه في قلبه. ثم تكون باقي كتب هذا الفن كالتفسير والتوضيح والتفريع لذلك الأصل الذي عرفه وأدركه، فإن الإنسان إذا حفظ الأصول وصار له ملكة تامة في معرفتها هانت عليه كتب الفن كلها: صغارها وكبارها. ومن ضيع الأصول حرم الوصول.
وقد جميع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بين الإيمان بالقضاء والقدر، والعمل بالأسباب النافعة، وهذان الأصلان دلّ عليهما الكتاب والسنة في مواضع كثيرة. ولا يتم الدين إلا بهما. بل لا تتم الأمور المقصودة كلها إلا بهما، لأن قوله "احرص على ما ينفعك" أمر بكل سبب ديني ودنيوي، بل أمر بالجد والاجتهاد فيه والحرص لعيه، نية وهمة، فعلاً وتدبيراً.
وقوله: "واستعن بالله" إيمان بالقضاء والقدر، وأمر بالتوكل على الله الذي هو الاعتماد التام على حوله وقوته تعالى في جلب المصالح ودفع المضار، مع الثقة التامة بالله في نجاح ذلك. فالمتبع للرسول صلى الله عليه وسلم يتعين عليه أن يتوكل على الله في أمر دينه ودنياه، وأن يقوم بكل سبب نافع بحسب قدرته وعلمه ومعرفته والله المستعان.
المصدر:
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
للشيخ العلاّمة عبدالرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله -
رد: شرح حديث "احرص على ما ينفعك واستعن بالله عز وجل ولا تعجز "
جزاك الله خير
ربنا يجعله فى ميزان حسناتك
منتظرين المزيد
ربنا يجعله فى ميزان حسناتك
منتظرين المزيد
mon_amor88- عضو جديد
- عدد المساهمات : 12
تاريخ التسجيل : 24/04/2009
رد: شرح حديث "احرص على ما ينفعك واستعن بالله عز وجل ولا تعجز "
شكرا يا مان علي الشرح الجميل للحديث والله بجد شرح جميل واستفدنا منه
H I M A LOVERS- عضو فضى
- عدد المساهمات : 1299
تاريخ التسجيل : 06/07/2009
العمر : 34
الموقع : وانتا ماللك
فرح المصريه- عضو فضى
- عدد المساهمات : 908
تاريخ التسجيل : 08/07/2009
العمر : 32
الاموره**رحمة- عضو فضى
- عدد المساهمات : 758
تاريخ التسجيل : 06/07/2009
العمر : 28
dr_mido89- مراقب عام على القسم الرياضى
- عدد المساهمات : 981
تاريخ التسجيل : 24/06/2009
العمر : 35
مواضيع مماثلة
» بيتر تشيك يتوقع خسارة "واين روني" للقب هداف الدوري، وكلمة السر؟ "دروجبا"
» تقرير "خاص": أسوأ "10 أحداث" في كرة القدم العربية للعقد الماضـي
» *""*""* حبيبه عمرى *""*""*
» ""افــتــح قــلــبــك ""
» هل تعلم انك تشرب الخمر دون ان تدرى
» تقرير "خاص": أسوأ "10 أحداث" في كرة القدم العربية للعقد الماضـي
» *""*""* حبيبه عمرى *""*""*
» ""افــتــح قــلــبــك ""
» هل تعلم انك تشرب الخمر دون ان تدرى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى